حتى لا ننسى عمر التلباني المبدع الذي يعاني في صمت

0

الزائر للكاتب والشاعر والفنان عمر التلباني، أو دنون عامر، لايمكنه إلا أن يشحن الذاكرة بتفاصيل مسار متميز للأغنية المغربية، بكلماته وبصماته الخالدة…كل معاصريه وكل من تعاملوا معه وصفوه برجل عصر الزمن الجميل لرواد الأغنية المغربية..

صوت المبدع عمر التلباني، كان وسيظل صوتا للشارع والنبض المغربي، في مدينة الدارالبيضاء.ذاع صيت التلباني من خلال ديوانه “في محراب العيون الزرق”، وبفضل الأغاني الخالدة كما أسلفنا، “صوت البشرية” التي أداها الفنان عبد الوهاب الدكالي، والتي حازت جائزة بالقاهرة وستظل منحوتة في ذاكرة المغاربة، وأغنية “الله حي”، ومجموعة كبيرة من القطع والأغاني التي أداها الفنان عبد الهادي بلخياط منها أغنية “الصحراء المغربية”، فضلا عن مجموعة من الفنانين ممن أبدعوا ورافقتهم كلمات التلباني الرنانة…

عمر التلباني، الرجل الطيب، العفيف النفس، ذو الإحساس الراقي، الذي نالت كلماته وقصائده وأشعاره نصيبا أوفر من الثناء، وحاز من غنوا كلماته جوائز استحقاق لكرم روحه الإبداعية، يئن الآن من الوجع وحدة الألم منذ سنوات ويعاني كما أشار أقاربه ومحبوه، ويعاني أكثر من الجحود بحقه، فمن يمسح على جبينه، ومن يزوره للتخفيف عنه واللطف بحاله؟

يقاوم التلباني قساوة الظروف وقساوة القصور الكبدي منذ سنوات “الدياليز”، الذي أنهك جسده، وصيره نحيلا.. والآن يعاني أيضا بسبب مرض البروستات…

الغريب  أن عمر التلباني، ورغم ظروفه الصحية، يرمق زائره بعين المحبة، يتطلع إلى الأمل، ويسافر معك عبر الزمن، يذكرك، ويفسح المجال لذاكرة لا يشعل وقودها وحرارتها، إلا حب الوطن، وحب الملك وحب المغاربة و”اولاد الشعب” كما يحلو له أن يقول “عرج عبر تقنية الاسترجاع على مساره حين كان موظفا بالولاية، ثم مسؤولا عن الأنشطة الثقافية، وحين كان يفرج على كل من قصده ويعطف عن الصغير قبل الكبير، وكيف كانت طقوسه في الكتابة والأغاني الهادفة…”

ترعرع عمر التلباني ببلوك السعادة 2 بالحي المحمدي ، كبر ونما بين البسطاء الذين كان يستوحي ويغوص في معيشهم اليومي بحكمته وتدبره وحسه المرهف، لم يفارقهم يوما حتى وهو الآن في أحلك الظروف والويلات وعسر الحال وتناوب الأمراض ونخرها لجسده النحيل.

زيارتنا لبيت عمر، جعلته مبتسما، رغم شدة ما يعانيه، يرنو للنور والأمل ول ولحياة أجمل، “فما أقسى أن يعاني من كان دائما يعبر عن معاناة الآخرين”، كما قال شقيقه عبد الحق دنون، ليجد نفسه مقسيا، بسبب نكرانه وإقصائه، وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، فليكن المسؤولون بكل مستوياتهم نفسا رحيما على قلب هذا الرجل الطيب، وليلتفتوا التفاتة صادقة حتى تتبدد الهموم والغيوم والسحب والكآبة عن معاناته اليومية مع المرض، والألم والشروخ العميقة، وحتى لا ينسى كما ينسى العديد من مبدعينا المغاربة والمغربيات بسبب موت الضمير وطغيان الماديات وتنامي الجحود بدل المحبة والرحمة والرعاية.

مليكة واليالي

أضف تعليقك

%d مدونون معجبون بهذه: