المضاربة تلهب الأسواق المغربية بين تحذيرات السياسة وصرخات الشارع

0

تشهد الأسواق المغربية موجة غلاء غير مسبوقة أثرت بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يعرف ارتفاعًا في الطلب على المواد الأساسية ورغم التدابير الحكومية لدعم بعض القطاعات إلا أن المضاربة وغياب الرقابة جعلا هذا الدعم لا يصل إلى المستهلك النهائي بل يستفيد منه الوسطاء والمضاربون الذين يفرضون أسعارًا خيالية على المواطنين

في هذا السياق خرج الأمين العام لحزب الاستقلال ليكشف بعض أوجه التلاعب في الأسعار والمضاربة مستعرضًا نموذج دعم الحكومة لمستوردي المواشي حيث أوضح أن الحكومة قدمت 500 درهم كدعم عن كل رأس غنم بهدف تخفيف العبء على المواطنين وتوفير الأضاحي بأسعار مناسبة لكن ما حدث على أرض الواقع كان مخالفًا تمامًا للتوقعات إذ تفاجأ المواطنون بأن سعر الأضاحي في الأسواق يتراوح بين 4000 و5000 درهم في حين كان من المفترض أن تباع بسعر يتراوح بين 2000 و3000 درهم فقط

هذا التفاوت الصارخ بين السعر المفترض والسعر الفعلي يعكس حجم المضاربة التي تحكم الأسواق المغربية حيث يستغل الوسطاء أي دعم حكومي لزيادة أرباحهم على حساب المستهلكين بدلًا من تمرير التخفيضات إلى المواطنين كما هو مخطط وفي ظل هذا الواقع المقلق وجه الأمين العام لحزب الاستقلال رسالة قوية إلى المضاربين داعيًا إياهم إلى الرجوع إلى الله وأخذ هذا الشهر الفضيل بعين الاعتبار مؤكدًا على ضرورة التحلي بالأخلاق والضمير في التعامل مع المغاربة الذين أصبحوا يعانون من ارتفاع غير مبرر للأسعار

لكن رغم هذه التحذيرات يبدو أن المضاربة لا تقتصر فقط على قطاع المواشي بل تمتد إلى مواد غذائية أساسية أخرى وهو ما كشف عنه أحد تجار السمك المعروف باسم عبد الإله مول الحوت حيث فضح تلاعبًا خطيرًا في أسعار السمك وخاصة السردين الذي يعد من أكثر الأسماك استهلاكًا في المغرب وفي تصريح مثير كشف عبد الإله مول الحوت عن فارق مهول بين سعر السردين عند خروجه من الموانئ وسعره في الأسواق وحسب تصريحه فإن السردين يباع بثمن لا يتجاوز 3 دراهم في أكادير والداخلة وهو ثمن مناسب يمكن أن يجعل هذا النوع من السمك في متناول جميع المغاربة إلا أن المضاربين يستغلون سلسلة التوزيع ليصل السردين إلى الأسواق الكبرى بسعر يتراوح بين 20 و25 درهمًا أي بزيادة تفوق سبعة أضعاف سعره الأصلي

هذا الوضع يطرح أكثر من تساؤل حول دور الجهات الرقابية وكيف يمكن السماح بمثل هذا التفاوت الكبير بين الأسعار دون أي تدخل حقيقي لحماية المستهلك المغربي من جشع المضاربين ولا يخفى على أحد أن المغاربة يعيشون ضغطًا اقتصاديًا متزايدًا خاصة مع تداعيات الأزمات العالمية التي أثرت على أسعار المواد الأولية ورفعت كلفة المعيشة لكن ما يزيد الطين بلة هو أن الزيادات لا تكون نتيجة ندرة في المنتجات أو ارتفاع في تكاليف الإنتاج بل بسبب جشع الوسطاء والمضاربين الذين يستغلون قلة الرقابة لتحقيق أرباح طائلة ويعاني المواطنون من ارتفاع غير مبرر في أسعار الخضر والفواكه اللحوم الأسماك وحتى المواد الأساسية مثل الدقيق والزيت مما يجعل البعض عاجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية خصوصًا في شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الطلب

في ظل هذا الوضع تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل حكومي صارم لوضع حد لهذه المضاربات من خلال تشديد الرقابة على الأسواق وضبط سلسلة التوزيع وفرض عقوبات على المضاربين والوسطاء الذين يرفعون الأسعار دون مبرر وإعادة النظر في سياسات الدعم لضمان وصوله إلى المواطنين بدلًا من استغلاله من قبل بعض الفئات وتعزيز دور جمعيات حماية المستهلك لمراقبة الأسعار والتبليغ عن أي تجاوزات لكن تبقى المشكلة الكبرى هي أن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي ما لم يكن هناك تنفيذ فعلي للإجراءات وزجر قوي ضد المتلاعبين بالأسعار

في ظل هذه الفوضى السعرية يبقى المواطن المغربي هو الضحية الأولى بين سياسة دعم لا تصل إليه ومضاربين لا يأبهون بمعاناته وحكومة مطالبة باتخاذ قرارات حاسمة لحمايته من الاستغلال فهل ستتحرك السلطات لضبط الأسواق أم ستظل الأزمة مفتوحة على مزيد من الغلاء والمعاناة

كاتب :عزيز حناوي

أضف تعليقك