
جدل في دورة أكتوبر بعين حرودة.. سابقة في تقييد عمل الصحافة وانتقادات حادة لتدبير الشأن المحلي
شهدت الجلسة الثانية من دورة أكتوبر 2025 للمجلس الجماعي بعين حرودة، المنعقدة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، أجواء مشحونة بالجدل والتوتر، سواء بسبب محاولة تقييد عمل الصحافة داخل القاعة أو بسبب الانتقادات اللاذعة التي وُجهت للمكتب المسير بخصوص طريقة تدبير عدد من الملفات الجماعية.
مع انطلاق أشغال الجلسة، أقدم النائب الأول للرئيس، الذي كان يتولى تسيير الدورة، على محاولة منع صحفي موقع “زناتة نيوز” من ممارسة مهامه في تصوير وتوثيق مجريات الجلسة، بدعوى أن القانون التنظيمي يفرض الحصول على ترخيص مسبق من رئيس المجلس.
إلا أن هذه الخطوة اعتُبرت من طرف الحاضرين سابقة خطيرة وغير مسبوقة، خاصة أن الجلسة كانت عمومية ومفتوحة أمام العموم كما ينص على ذلك القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، والذي يجعل من علنية الجلسات قاعدة أساسية في إطار الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومة.
وقد أثار تصرف النائب الأول للرئيس استغراب واستياء الحضور، بعدما خاطب الصحفي بعبارة “تحمّل مسؤوليتك”، وهي جملة رآها عدد من المتتبعين لغة أقرب إلى التهديد منها إلى التعامل المؤسساتي مع ممثلي الإعلام.
هذا السلوك، بحسب الفاعلين الإعلاميين وجمعيات المجتمع المدني بعين حرودة يشكل خرقاً واضحاً للدستور المغربي الذي يضمن حرية الصحافة، وطالبوا عامل عمالة المحمدية بفتح تحقيق في الواقعة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بصون حقوق الصحفيين داخل القاعات العمومية.
ولم تتوقف الجلسة عند حدود هذه الواقعة، بل تخللتها مداخلات ساخنة من طرف عدد من المستشارين الذين وجهوا انتقادات حادة للمكتب المسير.
فقد عبّر كل من أنيس الداودي وليلى عروش من المعارضة، إلى جانب كريم اليزيد من الأغلبية، عن استيائهم من غياب أجوبة واضحة حول مجموعة من الأسئلة المتعلقة بميزانية الجماعة وبرامجها.
واعتبر المستشار أنيس الداودي أن التصويت على الميزانية ليس إجراءً شكلياً بل يتطلب إجابات دقيقة تهم توزيع النفقات، لاسيما ميزانية الوقود والتنقلات، حيث طالب بمعرفة عدد الكيلومترات التي تقطعها سيارات الجماعة، ليجيبه النائب الأول للرئيس بأنه لا يتوفر على المعلومة وأن مثل هذه الأسئلة مكانها لجان الافتحاص لا الجلسة العامة، وهو ما أثار استغراب المستشارين واعتُبر تهرباً من الشفافية.
من جانبه، اتهم المستشار كريم اليزيد النائب الأول بـ”تعويم النقاش وتسطيحه”، معتبراً أن أجوبته فضفاضة ولا تتضمن أي أرقام أو معطيات ملموسة، فيما وجهت المستشار أنيس الداودي ولطيفة الزين انتقادات لاذعة لغياب التتبع والمراقبة لبرنامج التعليم الأولي، رغم الميزانيات الضخمة المرصودة له دون تقارير تقويمية أو مؤشرات واضحة للنجاعة
كما تطرق النقاش إلى ضعف شبكة النقل الحضري بعين حرودة وتأخر استفادة مشروع جنان زناتة من خدمات حافلات “مدينة بيس”.
وفي هذا الإطار، طرح المستشاران أنيس الداودي وليلى عروش سؤالاً حول من يمثل المجلس لدى مؤسسة البيضاء للنقل، ليجيب النائب الأول للرئيس أن الممثلين هما محمد الضاوي وكريم اليزيد.
غير أن هذا الأخير تدخّل منتقداً إقصاءه المتعمد من الاجتماعات، معتبراً أن ذلك يدخل في إطار محاولات تهميش صوته الناقد داخل المجلس.
تؤكد هذه الأحداث أن دورة أكتوبر لمجلس جماعة عين حرودة لم تكن جلسة عادية، بل مرآة تعكس توتراً متزايداً بين بعض مكونات المجلس من جهة، وبين السلطة المحلية والصحافة من جهة أخرى.
وهو ما يعيد إلى الواجهة النقاش حول ضرورة ترسيخ ثقافة الانفتاح والمساءلة داخل المؤسسات المنتخبة، انسجاماً مع مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه في دستور المملكة لسنة 2011.



تعليقات
0لا يوجد تعليقات بعد..